السبب الأول والثاني: (الإيمان والعمل الصالح ) .
جاء في القرآن الكريم الأيمان كأهم الأسباب الموصلة إلى الجنة بإذن الله تبارك و تعالى ، ولكنه دائما يأتي مقرونا بالعمل الصالح لذلك لا تكاد تجد موضع فيه ذكر للأيمان وأنه سببا لدخول الجنة إلا وهو مقرون بالعمل الصالح ، وباب الأعمال الصالحة والحمد لله واسع وكبير وطرق كسب الثواب عظيمة ومتعددة لا يحصيها إلا الله سبحانه وتعالى ، قال تبارك وتعالى : {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } ( 10 )
والآيات والأحاديث الصحيحة في هذا المعنى كثيرة جدا منها على سبيل المثال أنظر :سورة البقرة الآيات : 25 ،82 - سورة لقمان الآية 8، سورة الكهف : آية 107 ، سورة الحج آلايات14 ، 23 ، 56_سورة الفتح الآية 5 _ سورة الحديد الآيتان : 12 ، 21_ سورة التغابن الآية 9 _ سورة الطلاق الآية 11 _ سورة البروج الآية 11_ سورة البينة الآية 7 _ سورة المؤمنون الآيات 1،11_ سورة العنكبوت الآية 57.
السبب الثالث : ( التقوى ) :
ومن أهم تعريفاتها : هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.
ومن تعريفات التقوى أيضا : أن تعمل بطاعة الله على نور من الله( أي كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ) ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله .
ولمزيد من التفصيل عن التقوى ومعناها أنظر ((مدارج السالكين )) و (( إغاثة اللهفان )) تأليف ابن القيم رحمه الله ، قال تبارك وتعالى { إن المتقين في جنات وعيون } ( 11 )
كمت أن الجنة أعدت للمتقين ، قال تبارك وتعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين }(12) وقال صلى الله عليه وسلم ( أكثر ما يدخل الناس الجنة التقوى وحسن الخلق ، وأكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج ) ( 13 )
السبب الرابع : (طاعة الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم) :
قال تبارك وتعالى :{ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ، ومن يتولى يعذبه عذابا أليما } ( 14 )وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) ( 15 )قالوا يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال ( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )
السبب الخامس : ( الجهاد في سبيل الله )
ويكون بالقتال في سبيل الله بالنفس والمال قال تبارك وتعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن} ( 16 )
وقال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون . يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها النهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم }( 17 ) السبب السادس: ( التوبة )
فالتوبة تجب ما قبلها وكما قال صلى الله عليه وسلم ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ( 18 )
وقال تبارك وتعالى : { إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلون شيئا } ( 19 )
السبب السابع: ( الاستقامة على دين الله)
قال تبارك وتعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون . أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاءا بما كانوا يعملون}( 20 )
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك . قال ( قل آمنت بالله ثم استقم)( 21 )السبب الثامن: ( طلب العلم لوجه الله تبارك وتعالى)
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ،و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) ( 22 )
السبب التاسع( بناء المساجد)
في صحيح البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من بني مسجدا يبتغي به وجه الله بني الله له مثله في الجنة ) ( 23 )
السبب العاشر(حسن الخلق)
قال صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم بيت في ربض الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب ، وإن كان مازحا ، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) ( 24 )
قال صلى الله عليه وسلم ( أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق ، وأكثر ما يدخل الناس النار الفم والفرج)
الخلق يدخل فيه أشياء كثيرة لخصتها السيدة عائشة _ رضي الله تعالى عنها وعن أبيها _ عندما سُئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : (كان خلقه القرآن ) ( 25 )والرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا وقد امتدحه تبارك وتعالى بقوله
{ وإنك لعلى خلق عظيم} ( 26 )
فلننظر في كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم لنتعلم ما هو الخلق الحسن وكيف نكتسبه . ومن أفضل الكتب التي تحدثت عن شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه كتاب مختصر بعنوان ( الشمائل المحمدية ) للإمام الترمذي رحمه الله اختصار وتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
السبب الحادي عشر: ( ترك المراء )
قال صلى الله عليه وسلم ( أنا زعيم بيت في ربض الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ) .
السبب الثاني عشر: ( ترك الكذب ولو مازحا)
قال صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ربض في الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ، وبيت وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا ،)
السبب الثالث عشر( المداومة على التطهر عند كل حدث وصلاة ركعتين بعد الأذان)
روى الأمام الترمذي في سننه والحاكم وابن خزيمة في ( صحيحة ) عن عبد الله بن بريده عن أبيه رضي الله عنهما قال : أصبح رسول الله يوما فدعا بلال ، فقال : ( يا بلال بم سبقتني إلى الجنة ؟ إنني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك [ أي صوت مشيك ] أمامي ؟ ) فقال بلال : يا رسول الله ! ما أذنت قط إلا صليت ركعتين ، ولا أصابني حدث قط إلا توضأت عنده . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بهذا ) ( 27 )
السبب الرابع عشر: (الذهاب إلى المسجد والعودة منه لأداء الصلوات)
روى الأمام مسلم في صحيحة والأمام البخاري في صحيحة وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح ) ( 28 ) ويقول الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : ( قوله صلى الله عليه وسلم : أعد الله له في الجنة نزلا ، النزل ما يهيأ للضيف عند قدومه)
السبب الخامس عشر: (الإكثار من السجود لله تبارك وتعالى)
روى الإمام مسلم في صحيحة عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته ، فقال لي : ( سل ) ، فقلت : أسأل مرافقتك في الجنة ، فقال ( أو غير ذلك ) ، قلت : هو ذاك ، قال: ( فأعني على نفسك بكثرة السجود )( 29 )السبب السادس عشر: ( الحج المبرور)
قال صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) ( 30 )
السبب السابع عشر: (قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة)
عن أبي أمامه الباهلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت ) ( 31 )
كما أن هناك أذكار أخرى وعد من قالها موقنا بها الجنة على سبيل المثال في صحيح البخاري عن شداد بن أوس _ رضي الله عنه _عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( سيد الاستغفار: أن يقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبو لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي ، اغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)
قال: ومن قالها في النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة) ( 32 )
السبب الثامن عشر: ( صلاة اثنتي عشرة ركعة كل يوم وليلة تطوعا لله تعالى)
عن أم حبيبة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صلى في يوم وليلة اثنتين عشرة ركعة بني له بيت في الجنة : أربعا قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل صلاة الغداة [ الفجر ] ) ( 33 )
السبب التاسع عشر: ( إفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل)
قال صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس : أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ) ( 34 )السبب العشرون: ( الصدق في الحديث والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وحفظ الفرج وغض البصر وكف اليد)
عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( اضمنوا لي ستا من أنفسكم اضمن لكم الجنة ، اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، وحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم) ( 35 )
السبب الحادي والعشرون وهو يخص المرأة المسلمة
روى ابن حبان في صحيحة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها: أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) ( 36 )السبب الثاني والعشرون( القيام بتربية وإعالة ثلاث بنات أو أخوات) :
أخرج أبو يعلى في "مسنده" عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من كن له ثلاث بنات ،أو ثلاث أخوات،فاتقى الله وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا،وأومأ بالسبابة والوسطى) ( 37 )
السبب الثالث والعشرون: (الاحتساب و الصبر على موت لأولاد والأصفياء ) :
قال صلى الله عليه وسلم : (من احتسب ثلاثة من صلبه ، دخل الجنة قالت امرأة :واثنان؟قال:واثنان) (38 )
السبب الرابع والعشرون: ( كفالة اليتيم)
روى الأمام البخاري في صحيحة عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى) ( 39 )السبب الخامس والعشرون: ( عيادة المريض أو زيارة أخ في الله )
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من عاد مريضا ,، أو زار أخا له في الله ، ناداه مناد : أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلا ) ( 40 )
السبب السادس والعشرون : (المحافظة على خصلتين)
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم ، إلا دخل الجنة ، هما يسير ومن يعمل يهما قليل ، يسبح في دبر كل صلاة عشرا ، ويحمد عشرا ، ويكبر عشرا ، فذلك خمسون ومائة باللسان ، وألف وخمسمائة في الميزان ، يكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه ، ويحمد ثلاثا وثلاثين ، ويسبح ثلاثا وثلاثين ، فتلك مائة باللسان ، وألف في الميزان ) فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها ، بيده ، قالوا :يا رسول الله !كيف ( هما يسير ، ومن يعمل بهما قليل ) ؟ قال يأتي أحدكم ( يعني ) الشيطان في منامه فينومه قبل أن يقوله ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها . ( 41 )
السبب السابع والعشرون: ( السماحة في البيع والشراء )
روى الأمام البخاري في ( التاريخ الكبير ) والنسائي وغيرهما عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( أدخل الله عز وجل الجنة رجلا كان سهلا مشتريا وبائعا ، وقاضيا ومقتضيا )( 42 )
السبب الثامن والعشرون : ( التجاوز عن المعسر )
روى الأمام مسلم _رحمه الله _ في صحيحة عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن رجلا مات فدخل الجنة فقيل له ما كنت تعمل " قال فأما ذكر وإما ذكر " فقال إني كنت أبايع الناس فكنت أنظر المعسر وأتجوز في السكة أو في النقد فغفر له) ( 43 )( 43 )[شرح صحيح مسلم للنووي 10 / 483]
السبب التاسع والعشرون: ( مجموعة أعمال صالحة إذا اجتمعت في المسلم في يوم دخل الجنة بفضل الله )
روى الأمام مسلم في صحيحة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن تبع منكم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ فقال أبو بكر : أنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة" ( 44 )
السبب الثلاثون: ( الصبر على فقد نعمة البصر)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ (يقول الله تعالى : من أذهبت حبيبتيه فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة) ( 45 )
ثالثاً : تفاوت أهل الجنة :
تدبروا أيها الأفاضل ، في نعيم أهل الجنة، وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعاً من أهلها،. نعيم أهل الجنة نعيم يفوق الوصف، ويقصر دونه خيال أي بليغ أديب مرهف الحس والمشاعر، وأرجو أن نعلم ابتداءً أن أهل الجنة في الجنة متفاوتون في النعيم، محال أن يكون أهل الإيمان بتفاوت إيمانهم ويقينهم في درجة واحدة، بل كل ينزل منزلة ودرجة في الجنة على حسب إيمانه ويقينه في الدنيا، قال الله جل وعلا: { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا } ( 46 )
كما فضل الله عز وجل أهل الدنيا في الدنيا بالدرجات، كذلك فضل الله عز وجل أهل الآخرة بالدرجات { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً}. فالناس متفاوتون في النعيم، يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري : ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة ). وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -وتدبروا هذا الحديث الرقراق-: (إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف كما تتراءون الكوكب الدري في الأفق من المشرق أو المغرب، فقال الصحابة: يا رسول الله! هؤلاء هم الأنبياء الذين لا يشاركهم في منازلهم أحد، فقال المصطفى: لا والذي نفسي بيده! إنهم رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين). ولا شك أن أعلى منزلة وأرفع درجة في الجنة هي لنبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو : (إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ فإنه من صلى عليّ مرة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي). فالوسيلة هي أعلى درجات الجنة، وهي لا تنبغي البتة إلا لعبد واحد، وهذا العبد هو حبيب الله المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهو الذي ينزل وحده في هذه المكانة وفي هذه الدرجة، فأهل الجنة متفاوتون في النعيم.